Tuesday, January 8, 2013

ثمن النجاح

«وأصبحت الثقافة السائدة أن الناقد والمعارض هو العالم والخبير والفقيه بغض النظر عن عمق أو سذاجة ما يطرح. فاختلط الحق والباطل مع الأطروحات الساذجة والإشاعات الكاذبة، وأصبحت تعج في غالب مجالس الشارع واستراحاته وقنواته الإعلامية المشهودة أو المقروءة، بل حتى في قاعاته الأكاديمية والعلمية. وأصبحت في الشارع نزعة للتشكيك بنية أو بعقلية أي مسؤول يُقدم على أي تغيير جديد، سواء أكان جيداً أم سيئاً».

هذا ما جاء في ثنايا مقال المفكر الاقتصادي السعودي الدكتور حمزة السالم في صحيفة «الجزيرة» السعودية، يوم السبت 29/12/2012.

****

ثم يتابع الدكتور السالم:

«شمّر وزير العمل عن ساعديه ونزل إلى الشارع فجالس التجّار والكتّاب والمتوترين و «المحتسبين» مناظراً وشارحاً ومدافعاً في لقاءات عدة، وعاد ولم يحقق نصراً يُذكر في هدفه الثقافي والاجتماعي بغض النظر عن هدفه المهني المعلن والمتمثّل في الدفاع عن قراراته».

****

بكل المقاييس الموضوعية، إن قيادة وزارة العمل هي مهمة صعبة في بلد اعتاد على توظيف عمالة رخيصة أتت من دول فقيرة كثيرة السكان، اضطرتها ظروفها المعيشية إلى القبول بأبخس الأجور جنباً إلى جنب مع محاولة إيجاد فرص عمل للمواطنين من ذكور وإناث.

وكل من يستسهل صعوبة قيادة أي وزارة خدمية، دع عنك وزارة خدمية كوزارة العمل، مملوءة بالأشواك ومتناقضات أصحاب المصالح، لا يملك المتابع المحايد إلا غبطة المستسهلين الذين تغريهم الحلول السهلة الجاهزة لمشكلات متجذرة معقدة.

وما الهجوم اليومي على كل ما يتخذه وزير العمل من قرارات إلا جزء من الثمن الذي يدفعه كل قائد إداري قوي نزيه. وكلما زاد الهجوم، سواء اكتسى بشعار النقد البناء أو الإصلاح أو غيرها من الشعارات، كلما دلت حدة النقد على صواب القرار بالمقاييس الوطنية البحتة التي تخدم مصالح العاطلين عن العمل قبل أي اعتبار آخر.

****

وليس هناك من يعرف شؤون وشجون إدارة الأعمال الخاصة أكثر من المهندس عادل فقيه، الذي كان رجل أعمال ناجحاً اختاره زملاؤه رجال الأعمال لقيادة أقدم غرفة تجارية صناعية في السعودية. ولذلك يعرف المهندس فقيه قبل وأكثر من غيره فداحة الأضرار التي خلقها المتسترون لكل رجل أعمال حقيقي ولكل باحث عن عمل جاد. وحينما يحاول بمهنية متميزة تنفيذ قرار من قرارات مجلس الوزراء، وليس قراراً انفرد هو باتخاذه، وبالدرجة الأولى بهدف محاربة التستر، لا غرابة أن يناوئه من يعيشون من عرق غيرهم.

****

يُقال أن أعظم زعيم غربي عاش في القرن الماضي، السير ونستون تشرشل، كان يتحدث مع معجب أميركي بشجاعة تشرشل وعظمته حينما كان رئيساً للحكومة البريطانية في تحقيق النصر ضد النازية الألمانية والفاشية اليابانية والايطالية، كيف لا تصوت غالبية الشعب البريطاني لحزب المحافظين وزعيمه تشرشل في الانتخابات التي جرت بعيد تحقيقه النصر المبين خلال الحرب الكونية الثانية ضد محور ألمانيا واليابان وايطاليا؟

وكان جواب تشرشل البليغ بأسلوبه الموجز المعتاد «يا صديقي إن ثمن النجاح أعلى من ثمن الفشل».

* أكاديمي سعودي


ثمن النجاح http://pixel.quantserve.com/pixel/p-89EKCgBk8MZdE.gif

No comments:

Post a Comment