“إيكونوميست”: مرسي يضر بمسار الديمقراطية.. وفوز الإخوان بالانتخابات لا يعني احتكار صياغة الدستور
حذرت مجلة “إيكونوميست” البريطانية من أن التسرع الذي حدث لإنهاء الدستور الجديد للبلاد يضر بمسار الديمقراطية في مصر، مؤكدة أن فوز مرسي وجماعة الإخوان المسلمين بنتائج قوية في أحد الانتخابات لا يعطيهم الحق في احتكار صياغة الدستور الذي سيحكم وينظم مصر لسنوات.
وقالت المجلة أن محمد البرادعي، الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والحاصل على درجات علمية في القانون، كان قد حذر في الشتاء الماضي من المتاعب الخطيرة التي ستحدث، إذا تم انتخاب رئيس قبل تحديد صلاحياته في دستور جديد لكن لم يستمع إليه جنرالات المجلس العسكرى الذين كانوا في السلطة ما بعد الثورة.
وأضافت أن هذا ما يندم عليه الآن كثير من المصريين، حيث أن الرئيس محمد مرسي صدم البلاد من خلال إصدار إعلان دستوري يستحوذ فيه على سلطات واسعة، بما في ذلك الرقابة القضائية، ثم أمر الجمعية التأسيسية بالانتهاء من التصويت على الدستور الجديد في يوم واحد تمهيدا لطرحه للاستفتاء الشعبي في منتصف ديسمبر، وكل هذا أدى إلى احتجاجات غاضبة وإضراب في المحاكم ونزل المتظاهرون إلى الشوارع بأعداد لم تشهدها البلاد منذ ثورة العام الماضي.
وتابعت المجلة البريطانية أن إحباط مرسي من المحاكم هو أمر يمكن تفهمه، نظرا لأن قضاة مصر قد تدخلوا بشكل متسلسل في عملية إنشاء المؤسسات الديمقراطية، فقاموا بحل برلمان منتخب لأسباب تقنية ويهددون بإلغاء جمعية صياغة الدستور، ولكن كل هذا لا يرقى إلى ما فعله مرسي من اندفاع كارثي للحصول على الدستور الذي يريده بأي ثمن.
ووصفت “إيكونوميست” مسودة الدستور بأنها معيبة، قائلة، أن هذه الوثيقة التأسيسية للديمقراطية الجديدة في مصر مليئة بالهراء حول دور الإسلام، كما أنها تماثل الدستور الديكتاتوري لسنة 1971، وبنفس القدر من السوء، سعى مرسي لتأييد القوات المسلحة المصرية لهذه العملية المتسرعة، من خلال تكريس مبدأ أن يتولى منصب وزير الدفاع ضابطا في الخدمة الأمر الذي من شأنه أن يحجب الجيش عن الرقابة المدنية.
وأشارت المجلة أن الرئيس مرسي، من خلال إعلان نفسه فوق أي قانون، أثار شبح احتمال العودة الى الديكتاتورية، فمصر لا تزال تتعافى من آثار استبداد الطاغية الأخير، الذي حكم على أساس “سلطات الطوارئ” التي استمرت لمدة 30 عاما.
وفيما يتعلق بالعملية الدستورية، قالت المجلة أن التسرع في إنهاء الدستور بهذا الشكل يضمن أنه بشكل شبه مؤكد سيكون مفتقرا للشرعية، حيث انسحب ما يقرب من ثلث أعضاء الجمعية التأسيسية، بما في ذلك كل المسيحيين والنساء، احتجاجا على هيمنة الإسلاميين عليها، الذين عدد قليل منهم لديه خلفية في القانون الدستوري.
ولفت تقرير المجلة البريطانية أن هذا يترك مصر فى حالة استقطاب حاد، فالعديد من سكانها يتشككون في -إن لم يكونوا معادين- جماعة الإخوان المسلمين، التي يدين لها الرئيس مرسي بالولاء، وتوحد قادة المعارضة العلمانية لأول مرة في مصر وتعهدوا بالنضال ضد أى منحى استبدادى.
وفي السياق ذاته، أوضحت المجلة أنه على الرغم من أن مرسي يصرح أنه يريد ديمقراطية مستقرة، إلا انه هو وحزبه يجب أن يفهموا أن الفوز بنتائج قوية في أحد الانتخابات لا يعطي للإخوان الحق في احتكار صياغة الدستور، التي سيحكم وينظم مصر لسنوات.
وأكدت المجلة في ختام تقريرها، أن مرسي يجب أن يتراجع عن هذا المسار الكارثي ويجتهد على الأقل لإنقاذ ذرة من الشرعية، موضحة أن الرئيس مرسي يمكن أن يدخل التاريخ إما كزعيما قاد مصر نحو الاستقرار، أو باعتباره الرجل الذي دحض فرص البلاد في مستقبل كريم؛ لكن حتى الآن يبدو انه يسير في اتجاه الاختيار الثاني.
"إيكونوميست": مرسي يضر بمسار الديمقراطية.. وفوز الإخوان بالانتخابات لا يعني احتكار صياغة الدستور http://pixel.quantserve.com/pixel/p-89EKCgBk8MZdE.gif
No comments:
Post a Comment