دام برس:
أي دولة في العالم تبدأ في تنظيم علاقاتها مع العالم الخارجي إقليمياً أو دولياً من خلال اعتمادها على التأريخ والموقع الجغرافي وتجربتها وخبراتها المتراكمة وكذلك مصادر قوتها الذاتية. سورية من هذا المنطلق تتعامل مع الدول الإقليمية أو الدولية داخلياً أو خارجياً على حد سواء كضمانات مهمة لتوفير الحماية الذاتية لها أولاً و كركيزة أساسية لحماية أمنها القومي ثانياً، وبالنسبة لها خط أحمر كل من يمس أي مكون من المكونات المذكورة آنفاً والتي تحفظ لها سيادتها، إضافة إلى ثوابتها بالنسبة للقضية الفلسطينية والمقاومات على امتداد الساحة العربية الممانعة للاحتلال الإسرائيلي.
وانطلاقاً من ذلك واجهت سورية الأزمة التي تتعرض لها منذ قرابة العامين بخطوات هامة ابتداءً من حوار اجتماعي سياسي إلى تحرك شعبي (مسيرات وطنية عمت أرجاء القطر السوري) ومن ثم تحرك عسكري حسب ما اقتضى الواقع الذي فُرض عليها من أصحاب المؤامرة ( المشروع الصهيو أمريكي).
بعد أن دُفن المشروع الصهيو أمريكي في سورية شعر أصحابه بالخيبة والمرارة التي أوقعتهم في مأزق كبير لا يستطيعون الخروج منه إلا بمساعدة سورية نفسها، مخطئ من يعتقد بأن هناك من يستطيع أن يؤثر على القرار السوري خاصة وأن عمر الأزمة في مراحلها الأخيرة وأن الغرب لا يستطيع خوض حرب تقليدية بأيدي(الناتو) بسبب خشية تركيا من تفكك الدولة السورية لعدة أسباب وبشكل خاص تلك التي تتعلق بتماسكها الداخلي، و انتقال عدوى الحكم الذاتي إلى الأقليات داخل تركيا، وهي التي تعاني منذ زمن بعيد من الرغبات الانفصالية الكردية، خاصة وأن التربة الاجتماعية التركية مليئة بالأقليات التي تشعر بالاضطهاد وترغب بالانفصال عن الحكم المركزي في أنقرة، والحال نفسها على أمريكا المنشغلة بترتيب بيتها الداخلي (اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً) والقارة العجوز (أوروبا) المتهالكة اقتصادياً واجتماعياً حيث تحاول الخروج من أزمتها التي قد تطول لأعوام إلى حد الانهيار، علماً بأن الكيان الصهيوني لا يكل ولا يمل في إقناعهم بشتى الوسائل لشن عدوان على سورية بغية إخراجها نهائيا من قائمة التهديدات التي تطال أمن إسرائيل، إضافة إلى أن الأزمة السورية قد أدخلت القرار التعددي في موازين القوى الدولية والإقليمية إلى انتهاء القطب الأمريكي الأوحد و استعادة مجد روسيا الاتحادية.
على هذا الأساس حاول الغرب مجدداً استعراض عضلاته بالسعي إلى إيجاد خروج من الأزمة السورية بشكل يحفظ له ماء الوجه وكان ذلك بإيفاد مبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي دون أن يكون في حوزته أي ورقة للتفاوض ولكن مهمته مقتصرة على جس نبض السوريين وبماذا يفكرون وما الذي ينون فعله أمام ما تعرضوا له من مؤامرة، لكن ما يُعرف عن السوريين حنكتهم السياسية وذكائهم من خلال قراءتهم لما يجري من حولهم، أي من الصعب لأي فردٍ كان أن يعرف ما الذي يفكر به السوريون وهذا ما يجعلنا نقول بأن مهمة الأخضر الإبراهيمي ما هي إلا زيارة جس نبض ولا شيء آخر مما يروج له في الإعلام الغربي والعربي المتصهين ولا شروط ولا هم يحزنون وقد أكدها الإبراهيمي نفسه بقوله للصحفيين لا يوجد كلمة من ذلك صحيحة على التقولات وحرب التسريبات.
على كل حال من ينتظر أن يرى نور شمس لتسوية ما للأزمة السورية من خلال قراءاتهم كما يروج لها الإعلام الغربي والعربي المتصهين، فهو سينتظر كثيراً لأن شروط التسوية أعلنتها سورية بشكل واضح على لسان وزير إعلامها الدكتور عمران الزعبي حين قال:
سورية الوطن والدولة والشعب ذاهبة إلى تجاوز الأزمة والانتصار على العدوان الخارجي عليها- كما نشهد حراكاً سياسياً كبيراً جدياً وحقيقياً بين كل القوى السياسية الموجودة في الداخل – وللذين جربوا أن يربطوا مستقبلها ومصيرها ووجودها ودورها الوطني والقومي والإقليمي بأجندات خارجية إسرائيلية وبأدوات عربية وإقليمية قد فشلوا- وأن جزءاً كبيراً مما يقال في إطار حملة التصعيد الإعلامي غير المسبوقة ضدها ليس صحيحاً ولا أصل له والتهويل الإعلامي انتهى عصره – كما أنصح الحكومات والقوى السياسية التي ترفض الحوار بأن يسارعوا إلى الانتقال للعمل السياسي، لأن القرار السياسي السوري في جميع المسائل الوطنية سيادي محض وسورية حكومة وشعباً وقيادة وجيشاً غير قابلة للضغط ومن يرفض الحوار يخشى نتائجه ونتائج أي حوار وطني سياسي هي الذهاب إلى صناديق الاقتراع ومن لا يقبل الحوار يخشى أن يسقط شعبياً فيها - العمل العسكري لإسقاط النظام ورحيل الرئيس بشار الأسد واحتلال العاصمة دمشق قد ولى- الجيش العربي السوري بقدرته وقوته وبسالة جنوده والمخوّل دستورياً ووطنياً وسياسياً للدفاع عن وطنه قد وصل إلى مشارف تطهيره لبعض المناطق التي تعرضت للتوتر- التشديد على عدم زج المخيمات الفلسطينية في الأزمة السورية مؤكداً أن ثوابت الدولة السورية لم ولن تتغير وستبقى فلسطين جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، وستبقى قضيتها مركزية لسورية والبوصلة في كل القضايا وسيبقى الشعب الفلسطيني في سورية وخارجها جزءاً من السوريين وهويتهم ومستقبلهم وأي رهان على ما يخالف ذلك خاسر، أليس كل ما ذكره السيد عمران الزعبي يعتبر فيتو سوري أقوى من الفيتو الروسي والصيني.
وقد سمعها المبعوث الدولي المشترك الأخضر الإبراهيمي ثانية من القيادة السورية، وقد تأكد ذلك من خلال لقاءاته المكوكية داخل سورية (المعارضة الوطنية) ومن ثم توجهه إلى موسكو للتشاور مع الجانب الروسي في النتائج التي آلت إليها زيارته إلى دمشق، ولقائه مع الرئيس السوري بشار الأسد كانت بعد وساطة روسية. ومن المتوقع أن يطلب الإبراهيمي لقاءً ثلاثيا ينعقد في جنيف يشمله إلى جانب نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ومساعد وزيرة الخارجية الأميركية وليام بيرنز لوضعهم أمام الشروط السورية.
من راقب ما يجري على الساحة الدولية والإقليمية يعي ذلك من خلال تسارع مجلس التعاون الخليجي إلى عقد قمة تيقناً منها بأن سورية انتصرت وبالتالي سوف يحاسبها ويحاكمها الشعب السوري على كل قطرة دم سيلت بسبب تآمرهم وهذا ما لمسناه من خلال تغيب معظم ملوك وأمراء الخليج عن الاجتماع خوفاً من أن تطالهم الخيانة من ذويهم كما فعلوها مع آبائهم (قطر)، وما يجري على الساحة التركية من مظاهرات منددة بمواقف أردوغان وسياسته إزاء الدولة السورية التي يرفضها الشعب التركي- إضافة إلى تغيير وزيرة خارجية أمريكا وتعيين جون كيري الشخص الدبلوماسي المخضرم الرافض للحروب والمفاوض المستقبلي بين أمريكا وسورية هذا ما سنشهده في الأيام القادمة- اتهام فرنسا ورفضها للجماعات المسلحة التي تسفك الدماء السورية تحت شعار إقامة إمارة إسلامية- إبعاد قطر والسعودية وتركيا عن المشاورات التي تحاك مع السوريين للخروج من الأزمة، كل هذه الحقائق التي ذكرتها تثبت بأن الأزمة في سورية في نهايتها.
أخيراً عام 2013 سيكون بالنسبة لسورية عنوان عريض لا رجعة عنه بتعاون جميع مكونات النسيج السوري كما عودنا على مر التاريخ (ترتيب البيت الداخلي السوري) بأفضل مما كان عليه.
توب نيوز
مَن أقوى الفيتو السوري أم الفيتو الروسي والصيني ؟ .. بقلم : الإعلامية مها جميل الباشا http://www.dampress.net/photo//TKNOLGEA/asddsd.jpg
No comments:
Post a Comment