يكشف كاتبان تداعيات الفساد حين يضرب الانظمة ، وينخر اقتصاديات البلدان ويزعزع الثقة في الزعامات ، اضافة الى ما يخلفه من إرث لا أخلاقي تنوء تحت كاهله الشعوب لفترة طويلة.
يشير الكاتب محمد عاكف جمال الى أن العراق، ومنذ عام 2003، دخلت حكوماته المتعاقبة في مفاوضات عديدة لتوقيع عقود بمبالغ كبيرة ، ولم يعد خافياً على أحد، أن السرقة والرشوة كانتا حاضرتين في بعض تلك الصفقات أو في جميعها، إلا أنها لم تتسبب في فتح تحقيق جدي وإطلاع الرأي العام على نتائجه. فهل ستمر فضيحة ( السلاح الروسي ) الاخيرة كسابقاتها بسلام، ويستمر مسلسل الفساد في تدمير العراق.
وحول ابطال فضيحة الفساد هذه ، يشير علي حسين الى أنه في كل ازمة نرى (الاربعين) مقربًا يخرجون من جرارهم ، يطلقون تصريحات تخاصم المنطق والعقل، محاولين ارهاب الناس من خلال قربهم من صاحب القرار، يسعون إلى تشويه الحقائق، حين يؤكدون بأن الذين يعارضون صولات المالكي على البنك المركزي، وعلى اقليم كردستان، هم مجموعة من المندسين والخونة الذين يسعون إلى تخريب العملية السياسية.
علي حسين في المدى العراقية: المالكي والأربعون مقرباً
ما هي المؤامرة التي يحذروننا منها؟ لا احد يعرف.. من هو العدو الذي يتربص بالانجازات الكبيرة التي قدمها رئيس الوزراء ومعاونوه؟ سيقولون لك إنهم اصحاب الاجندات الخارجية..ومن هم هؤلاء؟ ايضا ستجد امامك من يطلق في الهواء جملاً وعبارات منتهية الصلاحية.. المواطن يعرف جيدًا أن هناك مؤامرة واحدة فقط لا غير اسمها مقربو رئيس الوزراء، الذين يسعون بكل طاقتهم السير بالبلاد الى كارثة محققة.. مجموعة لاتمتلك رؤية سياسية، لكنهم يشعلون الحرائق ليل نهار.. هؤلاء الذين يقولون للعربي إن الكردي عدوك، وأن ابن الموصل يتربص بابن ميسان، وان الليبراليين قوم كفرة لامكان لهم في بلاد الهداية والايمان، وأن المسيحيين ضيوف غير مرغوب بهم، وان البلاد تحتاج الى قبضة حديدية تعيد لها امجاد “المهيب الركن”.
خطب وشعارات تريد أن توهم الناس ان هذا الشعب لايمكن أن يحكمه الا حاكم مستبد يفرض سلطانه على الجميع، يريدون أن تصبح الخديعة بديلاً للسياسة، العاب تتكرر وكأن الناس لم تغادر عصر القائد الملهم، لنجد أن البعض يريد أن يقيم لنا وباسم الديمقراطية نظامًا يقوم على الاقصاء والغاء الآخر، واحتكار الدولة بكل مؤسساتها.
مقربون يتصورون أنهم جيش من الملائكة الصالحين سيعلموننا معنى الفضيلة ويأخذون بأيدينا الى طريق الهداية.
إنها العقلية القديمة نفسها التي رافقت صدام لعقود وزينت له افعاله وخطاياه، ومارست اقصى اساليب الخداع من اجل ترويض الشعب وقهره.
مقربون يعتقدون أن الحاكم ليس بشرًا مثلنا، يصيب ويخطىء، يضحك ويبكي، بل هو ملاك يحلق بأجنحة بيضاء، ووجه سمح، لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من امامه.
مقربون يتطيرون من أي نقد، ويقيمون الدنيا ويقعدونها اذا ما تجرأ احد على الاقتراب من قلاعهم الحصينة، يؤمنون بان كل من يعترض سياسة رئيس الوزراء وأداءه الوظيفي “خائن” ” و”خارج على القانون” و”ينفذ أجندة اجنبية”.
في كل ازمة نرى الاربعين مقربًا يخرجون من ” جرارهم “ ليطلقوا تصريحات تخاصم المنطق والعقل، محاولين ارهاب الناس من خلال قربهم من صاحب القرار، يسعون إلى تشويه الحقائق، حين يؤكدون بأن الذين يعارضون صولات المالكي على البنك المركزي، وعلى اقليم كردستان، هم مجموعة من المندسين والخونة الذين يسعون إلى تخريب العملية السياسية.
لعل من عجائب وغرائب السياسة العراقية أن نجد وزراء ومسؤولين في الحكومة قد آثروا الصمت، فيما الاربعون مقربًا احتفظوا لأنفسهم بحق التصريح حصرًا، محاولين من خلال ظهورهم المكثف عبر وسائل الإعلام فرض واقع سياسي يخدم مصالحهم.
ليس لي اعتراض في أن يتحرك جماعة الاربعين مقربًا بالمساحة المسموح لهم بها كسياسيين، ولكن من غير المعقول أن يتحركوا طوال الوقت على اعتبارهم ناطقين باسم الحكومة في الوقت الذي لايزال فيه السيد الناطق الرسمي علي الدباغ -اطال الله عمره - يمارس مهام عمله بعد ان نال رضا السيد المالكي وتم تجديد البيعة له كناطق وبعقد حكومي.
ما يصرح به الاربعون مقربًا هذه الأيام يثبت بالدليل القاطع، كيف أن لغة الحوار السياسي تحولت في زمن الديمقراطية العراقية إلى لغة مشحونة بعبارات وجمل تثير النعرات الطائفية، وتسهم في خلق حالة من الاحتقان السياسي.
من حق أعضاء جمعية الاربعين مقربًا أن يعتنقوا ما يشاؤون من أفكار، ومن حقهم أن يتحدثوا كما يريدون، ولكن عليهم أن يخبرونا بالانجازات العظيمة التي تحققت، وعن البرنامج الطموح الذي نفذته حكومة المالكي، لكن قبل ذلك عليهم أن لا يلصقوا فشلهم وعجزهم على شماعة المؤامرات الخارجية، فالمؤامرة الحقيقية هي استمرار الاربعين مقربًا في تسميم حياتنا واشعال الحرائق في كل الاتجاهات.
وفي النهاية سأعيد السؤال: الى متى ستظل جماعة الاربعين “مقرباً” تحذرنا من المؤامرات والاجندات الخارجية؟ والى متى ستستمر هذه اللعبة التي يراد منها ترويض الشعب، ليخرج علينا في النهاية احد اعضاء جمعية المقربين يخبرنا بان السيد رئيس الوزراء محبوب من جميع افراد الشعب وان 99٪ من العراقيين تؤيده وستفديه بالروح والدم.
محمد عاكف جمال في البيان الاماراتية : الدولة الديمقراطية لا تحتضن الفضائح
«الفضيحة» هي انتشار إعلامي واسع لتهمة خطيرة، الغرض منها النيل من شخص أو عائلة أو حزب أو حركة سياسية أو مؤسسة أو شركة.
وغالباً ما ترتبط الفضيحة بقضايا تتعلق بالرشوة أو الاختلاس أو التزوير أو استغلال المنصب، أو التجسس أو التهرب من دفع الضرائب أو التجارة بالممنوعات، أو التورط في علاقات جنسية غير مشروعة، أو في كل ما يتسبب في مشاعر الإحباط والخيبة في أوساط المجتمع.
وقد ورد مصطلح «الفضيحة» في عدد من الكتب المقدسة، لوصف العمل أو السلوك الذي يصنف تحت باب «الخطيئة». ولم يخلُ عصر من الفضائح في جميع دول العالم، وعلى مستويات مختلفة، إلا أن معالجتها ومعالجة تداعياتها تختلف من بلد لآخر، حسب نظامه السياسي، وحسب التقاليد والأعراف السائدة.
فقد قدمت الديمقراطية في البلدان التي انتهجتها كخيار لبناء الدولة، أكثر من دليل على مدى نجاعتها في حفظ الصالح العام، حين تُمارس وتُستخدم آلياتها بتفهم وقناعة ونزاهة على مختلف المستويات، تحت رقابة الجميع، أفراداً ومؤسسات.
ولسنا بصدد تعداد ما أفرزته مؤسسات الدول الديمقراطية من خدمات، حين أسهمت في الكشف عن الفضائح، وأجبرت الضالعين فيها على التخلي عن مواقعهم، أو أحالتهم للقضاء، أو أغلقت الطرق أمام أية محاولة للتستر عليهم، ما ضمن الصالح العام وسلامة الدولة وأجهزتها.
ففي الدول الديمقراطية، تطيح الفضائح برؤوس عديدة، صغيرة كانت أم كبيرة، ولا يسلم أحد من دفع ثمن ما اقترفه، ولا تزال استقالة الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في منتصف السبعينيات من القرن المنصرم، غير بعيدة عن الذاكرة، إثر فضيحة التجسس على مقر الحزب الديمقراطي، في ما عرف بمسمى «ووترغيت»، ولا تزال الفضيحة الجنسية للرئيس بيل كلينتون مع مونيكا لوينسكي، والتي أوشكت على الإطاحة به، طرية في الأذهان.
وقد تزامنت مؤخراً فضيحتان مدويتان؛ الأولى في الولايات المتحدة الأميركية والثانية في العراق. الأولى فضيحة علاقات جنسية تورط فيها مدير وكالة المخاربرات الأميركية، الجنرال ديفيد بترايوس، ذو السجل العسكري المتميز بين القادة الأميركيين، في حين لا أحد يعرف من هو المتورط في الفضيحة الثانية، التي تتعلق بالرشى لتمرير صفقة أسلحة بين العراق وروسيا، وهي صفقة كبيرة تجاوزت قيمتها الأربعة مليارات دولار.
الفضيحة التي نتحدث عنها لم تأتِ من فراغ، ولم تثرها جهات مولعة بخلق وبث الإشاعات والأقاويل المعادية للعراق، بل إن من أماط اللثام عنها هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتن نفسه، الذي قام من جانبه بطرد وزير دفاعه، وعدد من كبار الضباط ذوي العلاقة بالصفقة المشبوهة. وفي هذا الصدد، تثار تساؤلات حول ما إذا كانت الصفقة التي عقدت مع جمهورية التشيك بمبلغ يزيد على مليار دولار، والتي قام الوفد العراقي المفاوض نفسه بإنضاجها، لم تخلُ هي الأخرى من شبهات.
من جانب آخر، يثير الموقف الرسمي العراقي الحيرة، فلم تكلف الحكومة نفسها بإصدار بيان يوضح ذلك، وقد تضاربت التصريحات التي أدلى بها بعض أعضاء الوفد المفاوض الذي أنضج الصفقة، بين من يدعي إلغاءها، أو ينفي التوقيع عليها أصلاً، أو يدعي أن المفاوضات بشأنها لا تزال قائمة، وبين من يحرص على تبرئة نفسه، بعد أن بدأت بعض وسائل الإعلام تلوك اسمه.
تضاربت الآراء حول مبلغ الرشوة في صفقة الأسلحة هذه، وقد قدرت بما يبلغ 10 % من قيمتها، وليس معروفاً من هو المنتفع فيها، أبعض أعضاء الوفد الفني العسكري الذي قضى بضعة أسابيع في موسكو لأجل ذلك؟ أم آخرون ممن هم في مواقع المسؤولية والقريبون من مركز صناعة القرار، والذين حرص بعضهم على الحضور إلى العاصمة الروسية خلال المفاوضات التي أنضجت الصفقة؟!
الموقف الرسمي العراقي يعكس تخبطاً يثير الرثاء، وقد أصبح موضع دهشة بالغة لدى الحكومة الروسية، التي أكدت من جانبها أن الصفقة قد اكتسبت الصفة القانونية، عندما تم التوقيع عليها في التاسع من أكتوبر المنصرم، بحضور رئيسي وزراء البلدين ميدفيديف والمالكي، وأن هناك تبعات مالية وقانونية وتداعيات سياسية على مستقبل العلاقات المستقبلية بين العراق وروسيا، في حالة قيام العراق بإلغاء الصفقة.
ولسنا هنا بصدد الخوض في التفاصيل التي تتعلق بالجانب السياسي والعسكري لهذه الصفقة، وتأثيرها في العلاقات مع الولايات المتحدة، وموقف القيادات الكردية منها، ولكن سنكتفي بالإشارة إلى الفارق في المعالجة بين الفضيحتين. الأولى لم تلحق ضرراً بالصالح العام، إذ لم تترتب عليها خسارة للولايات المتحدة من المال العام، ولم يترتب عليها كذلك تسرب معلومات ذات أهمية تتعلق بالأمن القومي الأميركي.
فقد استقال بترايوس من منصبه، وتحمل هو ومن أقام العلاقات غير المشروعة معها، تبعات هذه الفضيحة. أما ما يتعلق بالفضيحة الثانية، فإن التعتيم الإعلامي لا يسمح لنا بالتعرف إلى مدى الخسائر التي لحقت بالعراق من جراء سلوك بضعة مفسدين يحتمون بدرع الحكومة القائمة.
وبالقدر الذي تتعزز فيه هيبة الدولة، وتترسخ قيم الديمقراطية فيها، مع كل فضيحة تنشر، وتتخذ الإجراءات إزاءها في الدول الديمقراطية، يحدث عكس ذلك في الدول غير الديمقراطية، حيث تمر الفضيحة بسلام، ويتمتع السارق والمرتشي بما حصل عليه، وتتزايد تبعاً لذلك هزالة الدولة، وتضعف هيبتها. ولعلنا في هذا السياق نتساءل عما إذا كان البلد الذي يلملم الفضائح، ولا يعير أهمية لضياع المال العام، هو حقاً بلد ديمقراطي؟
العراق، ومنذ عام 2003، دخلت حكوماته المتعاقبة في مفاوضات عديدة لتوقيع عقود بمبالغ كبيرة، تتعلق بمواد البطاقة التموينية، والمعدات العسكرية، ومحطات توليد الطاقة الكهربائية.
وتصدير النفط، وبناء المدارس، والحصول على أجهزة الكشف عن المتفجرات.. وغير ذلك الكثير. ولم يعد خافياً على أحد، أن السرقة والرشوة كانتا حاضرتين في بعض تلك الصفقات أو في جميعها، إلا أنها لم تتسبب في فتح تحقيق جدي وإطلاع الرأي العام على نتائجه. فهل ستمر الفضيحة الأخيرة كسابقاتها بسلام، ويستمر مسلسل الفساد في تدمير العراق؟
ردود أفعال المنظمات الرقابية لم ترقَ إلى مستوى خطورة مسلسل الفضائح المالية، إذ لم تقم وسائل الإعلام العراقية بما يكفي من جهد للحصول على المعلومات حول حقيقة ما يجري، لإطلاع الرأي العام.
متى يخرج الاربعون حرامياً من جرارهم في العراق؟ - إيلاف - إيلاف http://pixel.quantserve.com/pixel/p-89EKCgBk8MZdE.gif
No comments:
Post a Comment