Wednesday, November 28, 2012

عيون وآذان (خلقوا الوحش الذي لا يمثلهم)

عيون وآذان (خلقوا الوحش الذي لا يمثلهم)

جهاد الخازن

الأربعاء ٢٨ نوفمبر ٢٠١٢

ثمة أحجية في محاولة فهم مواقف اليهود، من إسرائيل إلى أميركا وكل بلد آخر، فهم في غالبيتهم ليبراليون وسطيون، إلا انهم في إسرائيل اختاروا حكومة فاشستية عنصرية لا تمثل الغالبية.

أعرف، أو اعترف، بأن غالبية حكومة نتانياهو جاءت عبر انتخابات خلت من التزوير، ومن هنا الأحجية، فأكثر الإسرائيليين لا يريد حروباً واحتلالاً دائماً، وجماعات السلام الإسرائيلية بين الأنشط في العالم والأكثر تأثيراً، ثم يقود إسرائيل رباعي يذكرنا بالفرسان الأربعة في سفر الرؤيا ونهاية العالم: بنيامين نتانياهو، أيهود باراك، افيغدور ليبرمان، أيلي يشاي، هم فرسان الغزو والحرب والجوع والموت كما في خرافة الكتاب المقدس.

انتخابات الرئاسة الأميركية أعطتنا مثلاً واضحاً على مواقف غالبية اليهود، فقد صوّت 69 في المئة منهم، أي اكثر من الثلثين، وهي نسبة مطلقة، لباراك أوباما. هم فعلوا وهم يعلمون أن العلاقة بين الرئيس الأميركي ورئيس وزراء إسرائيل باردة إلى متوترة، وهم لم يتأثروا بوقوف نتانياهو إلى جانب ميت رومني إلى درجة الظهور في إعلانات تؤيده، وهم أثبتوا أن إسرائيل لا تسيطر على تفكيرهم، وأنهم لا يتخذون قراراتهم على أساس ما ينفع إسرائيل ويضرها.

اليهود اثنان في المئة من مجموع مواطني الولايات المتحدة، وهم أصغر حجماً من أن يؤثروا في نتيجة الانتخابات، ومع ذلك فلوبي إسرائيل والليكوديون وأمثالهم روجوا لفكرة أن اليهود قد يقررون مصير الرئاسة الأميركية، وهذا مستحيل، لإخافة أوباما، غير أن أوباما لم يخف، وكذلك لم يخف اليهود الديموقراطيون الليبراليون وانتخبوا أوباما بنسبة اقل مما فعلوا سنة 2008 إلا أنها تظل عالية.

أوباما فاز بالأصوات الشعبية ونال 61 مليون صوت مقابل 58 مليوناً لرومني، وكانت حصته من أصوات النساء 55 في المئة مقابل 45 في المئة لرومني. كما نال 93 في المئة من أصوات السود و71 في المئة من أصوات الناخبين من أصول لاتينية و73 في المئة من أصوات الآسيويين.

لو كنت جمهورياً لكان اكثر ما يقلقني أن الناخبين الشباب اختاروا بغالبية واضحة أوباما، ما يعني أن المستقبل للحزب الديموقراطي، فالحزب الجمهوري له المتقدمون سناً، وغالبية من البيض كانت في حدود 60 في المئة، وهذا في بلد نسبة البيض فيه إلى انخفاض في مقابل الإثنيات الأخرى الصاعدة.

قبل الانتخابات كان هناك من زعم أن الناخبين اليهود قد يقررون الفائز بالرئاسة على أساس من سيختارون في أوهايو وفلوريدا. شخصياً لا اعتقد أن الناخبين اليهود كانوا قادرين على اختيار الفائز في الولايتين، ومع ذلك نعرف أن أوباما فاز بهما، وكذلك بالولايات الأخرى التي كانت توصف بأنها متأرجحة بين المرشَحَيْن فانتزع أيضاً ميشيغان ومنيسوتا وبنسلفانيا وإيوا ونيوهامبشير ووسكنسن وفرجينيا وكولورادو ونيفادا. ولم يفز رومني بغير كارولينا الشمالية من بين الولايات المتأرجحة.

اقرأ تفاصيل نتائج الانتخابات الأميركية وأتابع حرب حكومة نتانياهو على غزة، وأواجه أحجية أن يكون اليهود ليبراليين غالبيتهم تريد السلام، وأن يكون في الحكم في إسرائيل نازيون جدد أعداء السلام.

عندي تفسير للموضوع هو أن يهود إسرائيل والعالم لا يريدون أن يصدقوا أنهم مثل الدكتور فرانكشتاين خلقوا الوحش الذي لا يمثلهم فهم في حالة إنكار، ويصفون مقاومة مشروعة وطلاب حرية بالإرهابيين، مع أن الإرهابيين الوحيدين في هذه المواجهة هم أعضاء الحكومة الإسرائيلية وأتباعهم.

هذا التفسير صحيح إلا انه لا يكفي لحل الأحجية، ولعلنا نرى في ولاية أوباما الثانية عملية سلام جديدة تنتهي بحل يقبل به الطرفان، وتؤيده الغالبية اليهودية من طلاب السلام في إسرائيل والولايات المتحدة. فالخيار هو بين سلام قد لا يحقق رغبات هذا الطرف أو ذاك، أو حرب بعد حرب، واحتمال دخول أسلحة دمار شامل، ما يعني خسارة للجميع.

khazen@alhayat.com


عيون وآذان (خلقوا الوحش الذي لا يمثلهم) http://pixel.quantserve.com/pixel/p-89EKCgBk8MZdE.gif

No comments:

Post a Comment